الثلاثاء، 1 مايو 2012

نقد مبسط ومفصل لمعتقد الثالوث

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن اهتدى بهديهم من العلماء والعاملين، أما بعد

 

لاشك أن العقيدة من المسائل التوقيفية التي لا يجوز النظر فيها، بل هي مقيدة بالنقل، والفرق بين من خاض فيها بمجرد عقله ومن انتهج منهج الأنبياء وخضع للنقل كالفرق بين من تمسك بخشبة لعبور المحيط ومن ركب سفينة لاجتيازه

 

ولكن يجب أن نؤصل مسألة مهمة حتى لا يقع خلط في في هذا الباب : فكون العقيدة مقيدة بالنقل لا يعني أنها مناقضة للعقل

 

فلو لم يبقى للعقل نصيب في العقيدة لادعى من شاء ما شاء ثم زعم أن قوله فوق العقل، وكذلك لما كان لطائفة مسيحية أن تعترض على الأخرى إذ كلها تدعي أن قولها فوق العقول

(1)

 

فمعظم النصارى أثناء الجدال العقلي لا يميزون بين :

 

 

مُحالات العقول

ومَحارات العقول

 

فمُحالات العقول : هي المسائل التي يدرك صريح العقل امتناعها وبطلانها، كالقول بأن الشيء بعينه طويل وقصير في آن واحد أو أنه موجود ومعدوم ...

 (2)

 

 

ومَحارات العقول : هي ما يعجز العقل عن تصوره ومعرفته بل يبقى حائرا أمامه رغم جوازه في صريح المعقول، كالأزلية واللامحدودية ...

 

والأول لا يصدر عن الأنبياء والمرسلين(3)، ولكن قد يقول به من حاد عن منهجهم، وهو بلا أدنى شك ما وقع فيه آباء النصارى ورهبانُهم ،بعد محاولتهم للجمع بين ما جائت به الرسل وما ورثوه من ثقافة وثنية شركية، فحاولوا التوفيق بين عقيدة الرحمن وعقيدة الشيطان ولذلك تخبطوا أيما تخبط في باب الاعتقاد، ويتبين ذلك لكل من ناظرهم وجادلهم جدالا عقليا، فيجد نفسه تائها بين ألفاظ ما وردت قط في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يستخدمها أتباع الدين المحرف لإضلال الناس ومحاولة إخفاء معتقدهم الباطل وراء مصطلحات كلامية ما فهموها هم أصلا بل قلدوا قساوستهم وقمامصتهم في استعمالها، فانطبق عليهم قول "رجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري"

 

وحتى لا نُتهم أن كلامنا مرسل لا دليل عليه سنعرض معتقد القوم في الله عز وجل ونبين فساده وبطلانه :

 

يؤمن النصارى بأن الإله الواحد عبارة عن ثلاثة أقانيم تجمعها طبيعة واحدة وهي الألوهية

 

الأقنوم الأول يسمونه : الآب

الأقنوم الثاني يسمونه : الإبن

الأقنوم الثالث يسمونه : الروح القدس

 

ويؤمنون أن أقنوم الآب ليس هو أقنوم الإبن

 

وأن أقنوم الإبن ليس هو أقنوم الروح القدس

 

وأن أقنوم الروح القدس ليس هو أقنوم الآب

 

يقول الأب متى المسكين في شرحه لإنجيل يوحنا :

 

((و...وبالتالي لا فرق بين الآب والإبن، وهذه هي بدعة سابليوس الذي قال أنها مجرد أسماء، في حين أن الإيمان المسيحي يقول أن الأقانيم في الله متميزة : فالآب ليس هو الإبن ولا الإبن هو الآب، وكل أقنوم له اختصاصه الإلهي ))

 

( شرح إنجيل القديس يوحنا للأب متى المسكين، ص 35 )

 

وسُئل البابا شنودة :

 

قال السيد المسيح ( الذي رآني فقد رأى الآب ) وقال له أيضاً ( أنا في الآب ، والآب في ) . فهل السيد المسيح هو الآب ؟

 

فأجاب :

 

(( كلا ، فهذه هي طريقة سابليوس ، الذي اعتقد أن الآب هو الابن هو الروح القدس أقنوم واحد !! فحرمته الكنيسة، إن كان الآب هو الإبن ، لا يكون هناك تثليث ))

 

( البابا شنوده الثالث - سنوات مع أسئلة الناس- اسئلة لاهوتية وعقائدية أ - الجزء العاشر، ص 123 )

 

وكما جاء في دائرة المعارف الكتابية :

 

(( وان في وحدانية الله ثلاثة اقانيم هم واحد في الجوهر ومتساوون في الأزلية والقدرة والمجد، لكنهم متمايزون في الشخصية. ))

 

( دائرة المعارف الكتابية، حرف ث، مادة ثالوث )

 

وكما ورد في الموسوعة الكاثوليكية :

 

(( The Trinity is the term employed to signify the central doctrine of the Christian religion — the truth that in the unity of the Godheadthere are Three Persons, the Father, the Son, and the Holy Spirit, these Three Persons being truly distinct one from another. ))

 

http://www.newadvent.org/cathen/15047a.htm

 

الترجمة :

 

(( الثالوث هو المصطلح المستعمل للدلالة على العقيدة المسيحية الاساسية - الحقيقة أن في اللاهوت الواحد هناك ثلاثة أشخاص، الآب، الإبن، والروح القدس، مع كون هذه الأشخاص متمايزة حقيقة الواحدة عن الأخرى ))

 

فكما قرأنا من المراجع المسيحية المعتمدة، أن الأقانيم متمايزة وكل أقنوم غير الآخر فكيف نقول بعد ذلك أنه إله واحد ؟

فالقوم يعتقدون أن الشيء يكون واحدا وثلاثة في نفس الوقت، وهذا كالقول بوجود الشيء وعدمه، وحدوثه وأزله، وطوله وقصره، إلى غير ذلك مما يدعى بمُحالات العقول لاستحالة جوازه عقلا

 

وكلمة أقنوم أصلها سرياني وهو "قنوما" وباليوناني "هيبوستاسيس" وتعني حرفيا : تحت القائم

واصطلاحا تعني : الشخص الحي القائم بنفسه الذي يستمد اعماله من نفسه وليس من غيره

 

إذن

 

فالآب أقنوم : أي شخص حي قائم بنفسه يستمد أعماله من ذاته لا من غيره

والإبن أقنوم : أي شخص حي قائم بنفسه يستمد أعماله من ذاته لا من غيره

والروح القدس أقنوم : أي شخص حي قائم بنفسه يستمد أعماله من ذاته لا من غيره

 

وبما أن كل أقنوم هو غير الأقنوم الآخر فصار لدينا ثلاثة أشخاص متمايزة ومتباينة

 

فالتوحيد عند القوم هو إثبات ثلاث ذوات وثلاثة أشخاص داخل دائرة الألوهية

 

ومثال ذلك فريق يتكون من ثلاثة لاعبين كل لاعب هو شخص وكل لاعب هو غير اللاعب الآخر ولكنهم واحد داخل دائرة الفريق

 

فهل من شرك أبلغ وأعظم من هذا ؟

 

بل إن المجوس أكثر توحيدا من القوم إذ أثبتوا إلهين، إله للخير وإله للشر، وهؤلاء أثبتوا ثلاثة آلهة متساوية ومتماثلة

 

.فحقيقة قولهم أنهم يصرحون بالتوحيد لفظا ثم يناقضونه في المعنى فيجعلونه شركا مقنعا بدعوى التصريح بالتوحيد

 

وما يُلَقَّنُه عوام النصارى في كنائسهم وهو ما يستدل به علمائهم على من يجهل معتقدهم لحل مشكلة الثالوث من أبعد ما يكون

عن الإيمان النصراني

 

: وحجتهم باختصار هي كالتالي

 

نحن نؤمن بأن الله له وجود وأنه ناطق (أو متكلم) وأنه حي

فالآب هو الذات

والإبن هو صفة الكلام

والروح القدس هو صفة الحياة

وبالتالي فهو إله مثلث الأقانيم أي الصفات

 

ونضرب لذلك مثلا حتى ندعم قولنا :

الشمس تتكون من قرص ونور وحرارة

فالقرص ليس هو النور والنور ليس هو الحرارة والحرارة ليست هي القرص

ولكن هذه الثلاثة هي واحد ونطلق عليها اسم الشمس

 

 

والرد عليهم من عدة وجوه :

 

أولاً : سنسلم جدلا أن ما ذكرتموه بخصوص الأقانيم له أصل في الكتاب المقدس، رغم أنه لم يذكر بتاتا لا في أسفار العهد القديم ولا في أناجيل العهد الجديد ولا حتى في الرسائل المتبقية

 

 

ثانياً : قولكم "نحن نؤمن بأن الله له وجود أنه متكلم وأنه حي"، هو حق أريد به باطل

فنحن نثبت لله صفة الكلام والحياة ولكن لا نحصر صفاته في الثلاث، لأن صفات الله عز وجل لا نهاية لها فيلزم من ذلك أن تثبتوا عددا لا نهائيا من الأقانيم (رغم أن الأقانيم ليست صفات وسيأتي بيان ذلك) فأين صفة السمع مثلا ؟

وأين صفة البصر ؟

وأين صفة الإرادة ؟

وهل أسقطتم صفة القدرة ؟

وهل تناسيتم صفة العدل ؟

 

فيلزمكم أن تثبتوا أقنوم السمع

وأقنوم البصر

وأقنوم الإرادة

وأقنوم القدرة

وأقنوم العدل

...

وتجعلون لكل صفة أقنوما

(وبالتالي يسقط ما تسمونه ثالوثا ويصبح لا نهائيا (علما أن صفات البارئ عز وجل لا تعد ولا تحصى

 

ثالثاً : نسبة كل صفة لأقنوم من الأقانيم الثلاثة لا دليل نقلي عليه وهو ليس بالمسَلَّم

فأين الدليل على أن الآب هو الذات ؟

وأين الدليل أن الإبن هو الكلام ؟

وأين الدليل أن الروح القدس هو الحياة ؟

 

فحتى الألفاظ التي استعملتموها لا تدل البتة على صفة من صفات، فمن أين لكم تسمية الذات أبا وتسمية الكلام ابنا ؟

 

والقديس أثناسيوس الرسولي مثلا يخبرنا خلاف ذلك فيقول :

 

(( وأيضا حيث إن الآب ينبوع، والابن يسمى نهرا، لذلك نقول أننا نشرب الروح لأنه مكتوب "جميعنا سقينا روحا واحدا" ولكن حينما نشرب الروح فإننا نشرب المسيح. ))

 

ثم يضيف قائلا :

 

الابن هو الحياة( ١)، لأنه قال: "أنا هو الحياة" (يوحنا ١٤) 

(19:الرسائل إلى سرابيون 1)

 

ويعلق على هذا التصريح الدكتور جورج حبيب باباوي في كتابه "القديس أثناسيوس في مواجهة التراث الديني غير الأرثوذكسي

ص 190 قائلا :

 

(( نلاحظ هنا تعارض هذا الكلام مع التفسير الشائع بأن الابن هو العقل والروح القدس هو الحياة .. وهذا يؤكد أن الآباء شرحوا الثالوث ليس كما نشرحه نحن الآن ))

 

( يمكن الرجوع للكتاب على الرابط التالي : http://www.coptology.com/Theology/downloads/Athanasious.pdf )

 

وهناك من يفسر الإبن بالعلم ومن يفسره بأنه الحكمة وهناك من يقول أنه عقل الإله...

 

فأنى لكم الجزم بأن صفة معينة تنطبق على واحد من الأقانيم وأكابر قديسيكم مختلفون في تعيينها ؟

 

 

"رابعاً: قولكم "وبالتالي فهو إله مثلث الأقانيم أي الصفات

هو قول باطل وناتج عن تعريف خاطئ للأقنوم

فالأقنوم شيء والصفة شيء آخر، بل من اعتقد أن الإبن والروح القدس هما صفتان للذات أي الآب يعتبر مهرطقا خارجا عن ملة الكنيسة

 

جاء في موقع الأنبا تاكلا، أكبر موقع مسيحي عربي ما يلي

 

كلمة "أقنوم" Hypostasis

تفيد المعاني التالية: شخص – ذات – كائن حي قائم بذاته (أى أنه يستمد أعماله من ذاته وليس من آخر.

 

www.st-takla.org/Coptic-Search-St-Takla.org/CopticWiki-Everything-About/000-Frequently-Asked-Questions/03-Christian-Theology-and-Islam/020-Hypostasis-Oknoum.html

 

فالأقنوم ليس صفة بل هو ذات وهو شخص وهو كائن حي قائم بذاته

والصفة ليست شخصا

والصفة ليست ذاتا

والصفة ليست قائمة بنفسها بل هي قائمة بالموصوف

 

ويقول الدكتور القس حنا جرجس الخضري :

 

(( فمن هذه الاقتباسات واقتباسات أخرى يتضح أن التهمة التي وجهت إلى الأسقف الأنطاكي ( بولس الساموساطي ) تهمة مزدوجة، التهمة الأولى هي إيمانه بعقيدة الإنتحاليين فهو لا يؤمن بوجود الثلاثة أقانيم بل بوجود إله واحد ووحيد له ثلاث صفات وليس ثلاثة أقانيم. ))

( تاريخ الفكر المسيحي للقس الدكتور حنا جرجس الخُضَري، المجلد 1 الصفحة 604 )

 

فتنسب هذه البدعة إلى "بولس الساموساطي" حيث جعل الابن والروح القدس مجرد صفتين أو قوتين لذات واحدة هي الآب

كما جاء في كتاب حتمية التجسد الإلهي :

 

(( وأنكر بولس الساموساطي أقنومية شخص اللوغوس وشخص الروح القدس في الثالوث القدوس إنما هما مجرد قوى من قوى الله مثل قوى العقل والفكر بالنسبة للإنسان ))

 

( كتاب "حتمية التجسد الإلهي" لكنيسة القديسين مارمرقس والبابا بطرس - سيدي بشر - الإسكندرية - الفصل تحت عنوان "من هو السيد المسيح" 1 - بولس الساموساطي )

http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-021-Sts-Church-Sidi-Beshr/002-Hatmeyat-Al-Tagasod-Al-Ilahy/Inevitability-of-the-Incarnation__30-Paul-Samosaty.html

 

فمن جعل الأقانيم صفات يعتبر مهرطقا عند جماهير علماء النصارى لأنه يخص الآب بالأقنومية

أي أن الآب هو الأقنوم الحقيقي بالمعنى الحقيقي لكمة أقنوم

أي أنه هو الذات

وما الإبن والروح القدس إلا مجرد صفتين لهذه الذات الواحدة

فصار عندنا أقنوم واحد متصف بصفتين

وهذا أقرب إلى هرطقتي سابليوس وبولس الساموساطي من الإيمان النصراني

 

ويؤكد ذلك الأنبا بيشوي فيقول :

 

الابن: هو مولود من الآب ولكن ليس مجرد صفة بل أقنوم له كينونة حقيقية وغير منفصل عن الآب لأنه كلمة الله.

الروح القدس: ينبثق من الآب ولكنه ليس مجرد صفة، بل أقنوم له كينونة حقيقية وغير منفصل عن الآب لأنه روح الله.

 

من الخطورة أن نعتبر أن الأقانيم هى مجرد صفات لله وكأن الجوهر يخص الآب وحده، وبهذا ننفى الجوهر عن الابن والروح القدس، أو ننفى كينونتهما، ويتحولان إلى صفات لأقنوم إلهى وحيد هو أقنوم الآب وهذه هي هرطقة سابيليوس

 

( المجامع المسكونية والهرطقات- مجمع نيقية، مساوي في الجوهر أم واحد في الجوهر - الأنبا بيشوي )

 

ويمكن الرجوع للمصدر على الرابط التالي :

www.st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_02-History-of-the-Coptic-Church-Councils-n-Christian-Heresies/Al-Magame3-Al-Maskooneya/Encyclopedia-Coptica_Councils_08-Magma3-Nikeya-05-Mosawy-Am-Wahed-Fel-Gawhar.html

 

 

ويطنب في ذلك الأنبا بيشوي للتأكيد على أقنومية الإبن وأنه ليس مجرد صفة فيقول :

 

ولكن الأقنوم هو كائن حقيقى مثلما نقول للابن في القداس الغريغوري : أيها الكائن الذي كان...والمساوي والجليس مع الآب"، ويقول القديس يوحنا في إنجيله : وحيد الجنس الإله الذي هو في حضن الآب هو خبَّر (يو 18:1). فكيف يُدعى الابن الوحيدالجنس وأنه في حضن الآب ويكون – حسب رأى سابيليوس- هو مجرد اسم من أسماء الآب أو حتى صفة من صفاته؟؟ إنه أقنوم حقيقى يتمايز بخاصية البنوة وله شخصيته الخاصة به، ولكنه واحد مع الآب في الطبيعة والجوهر، وواحد معه في الربوبية والملك والمجد والقدرة.

 

( المجامع المسكونية والهرطقات – مجمع القسطنطينية، الأقنوم كائن حقيقي له إرادة – الأنبا بيشوي )

 

يمكن الرجوع للمؤلَّف على الرابط التالي :

www.st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_02-History-of-the-Coptic-Church-Councils-n-Christian-Heresies/Al-Magame3-Al-Maskooneya/Encyclopedia-Coptica_Councils_30-Magma3-El-Kostantineya-14-Al-Oknoum-Ka2en-Hakeeky.html

 

 

ويؤيد كلامنا ما يردده المسيحيون يوميا في قانون إيمانهم المتفق عليه بين الطوائف المسيحية والذي عقد سنة 325 في مجمع نيقية  :

 

بالحقيقة نؤمن بإله واحد, الله الآب, ضابط الكل, خالق السماء و الأرض, ما يرى و ما لا يرى.وبرب واحد يسوع المسيح, إبن الله الوحيد, المولود من الآب قبل كل الدهور, نور من نور, إله حق من إله حقمولود غير مخلوقمساو للآب فى الجوهر, الذى به كان كل شئ. هذا الذى من أجلنا نحن البشر, و من أجل خلاصنا, نزل من السماء و تجسد من الروح القدس و من مريم العذراء. تأنس و صلب عنا على عهد بيلاطس البنطى. تألم و قبر و قام من بين الأموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب, و صعد إلى السموات, وجلس عن يمين أبيه, و ايضاً يأتى فى مجده ليدين الأحياء و الأموات, الذي ليس لملكه إنقضاء.

نعم نؤمن بالروح القدس, الرب المحيي المنبثق من الآبنسجد له و نمجده مع الآب و الإبن, الناطق فى الأنبياء. و بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية. و نعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا. و ننتظر قيامة الأموات و حياة الدهر الآتى. آمين.

 

 

يتضمن هذا القانون الأمور التالية :

 

الإبن إله حق من إله حق-

الإبن مولود-

الإبن مساو للآب في الجوهر-

الإبن جلس عن يمين الآب-

الروح القدس منبثق -

الروح القدس يسجد له مع الآب والإبن-

 

فصرحوا بأن الإبن هو إله حق، والصفة ليست إلها من إله ولا شخصا من شخص -

وهذا من أبلغ ما يصرحون به من شرك في معتقدهم فيثبتون إلها صادرا أو ناتجا عن إله آخر

وهذا تصريح قاطع الدلالة لا يقبل تأويلا أو صرفا عن ظاهر الكلام

وكما في القانون الأثناسي (الفقرة 15) : ((وهكذا الآب إله، والابن إله، والروح القدس إله))ء

 

وقالوا بأن الإبن مولود، ومعلوم أن الصفة لا تكون مولودة ولا يطلق هذا اللفظ إلا عن الولادة الحيوانية المعروفة، وغاية النصارى أن يقولوا أن الولادة هنا كما يُولَدُ النور من الشمس، وهذا خطأ لأننا لا نقول أن النور يولد من الشمس ولا أن النور هو ولد الشمس ولكنه يتولد منها كما نقول ان الطاقة تتولد، لا تولد، او قولنا الضغط يُوَلِّد الانفجار، لا يلد، فشتان بين الولادة والتولد

فالتولد لغة هو حصول الشيء عن الشيء

والولادة لا تخرج دلالتها عن الولادة الحيوانية التي هي النزول من فرج الأم (ومعناها الأشمل والأعم هو : الانحدار من أصلين)(4)، لا سيما إذا اقترن ذكرها بالاحياء، فلا ينفع النصارى التمثيل لذلك بمجاز لغوي كقولهم "بنت شفة" عن الكلمة او "بنات افكار" عن الرأي، لان البنوة هنا اقترنت بما ليس قادرا على الولادة فعُلم بداهة من خلال هذه القرينة ان البنوة ليست بنوة حقيقة وهذا خلاف نسبتها لذوات الاحياء، فلو قال قائل "زيد وَلَدَ عمرو" او "عمرو المولود من زيد" لما جاز إخراج اللفظ عن ظاهره لان زيد قادر على الولادة حقيقية بخلاف "الشفة" او "الافكار".

و"الكلمة" نسبت بنوتها لصفة من الصفات وهي الشفة بينما تنسب بنوة الابن للذات الحية العاقلة وهي الآب، بمعنى اننا لو قلنا "يسوع ابن شفة الاب" لربما جاز أن يقال أن البنوة مجازية ههنا لان الشفة صفة والصفة لا تصدر منها ولادة، ولكن هذا خلاف ما يقوله النصارى، إذ ينسبون الولادة للذات القائمة بنفسها بقولهم "الابن مولود من الاب"، فالآب هنا ذات وكذلك الابن ذات، والولادة منسوبة للأولى والمولودية للثانية، وإذا عُلم هذا عُلم أن قياسهم على المجاز اللغوي باطل، إذ الأصل أن تؤخذ الألفاظ على ظاهرها إلا عن ورود قرينة تبين معناها المجازي، والقرينة في قولنا "بنت شفة" هي أن الشفة لا تقدر على الولادة بداهة بل لا يصدر منها فعل لذاتها لانها صفة، بينما قولنا "شخص الابن مولود من شخص الآب" يُستبعد إخراجه عن ظاهره لجواز الولادة عند الاشخاص والذوات الحية كما سبق ذكره وبيانه وتوضيحه، وما تكرر تقرر(5)

 

والوجه الثاني في إبطال هذا القياس والتمثيل أن نقول : لُقِّبت "الكلمة" ب"بنت الشفة" لانها حاصلة عن الشفة و "الرأي" ب"بنت الفكرة" لانه حاصل عن الافكار، ف"الكلمة" مسبوقة بالنطق و "الرأي" بالتفكير وبالتالي ف"ولادتهما" حادثة، فمن استدل بذلك كمجاز لغوي ليدفع شبهة الولادة بمعناها الظاهري فقد وقع في ما هو أكثر خطرا على العقيدة النصرانية وهو حدوث الولادة الذي يتنافى مع معتقد ازلية الابن

 

وإذا فرضنا جدلا أن هذه التسمية تطلق على الصفة فيلزمكم أن تثبتوا ابنين اثنين للآب

لانكم ادعيتم ان سبب تسميتكم للإبن بالإبن أنه صفة من صفات الله، فكذلك الروح القدس الذي هو صفة الحياة يجب أن يكون ابنا ثانيا

 

وذكروا بعد ذلك أن الإبن مساوي للآب في الجوهر، ومعلوم أن المساوي ليس هو المساوى لأن الشيء لا يساوي نفسه -

كما نقول هذه التفاحة مساوية لهذه في الوزن

فلكل تفاحة وزنها ولكن الوزنان يتساويان

 

فيلزم من هذا التصريح أن يكون للإبن جوهر غير جوهر الآب لأنه يساويه والمساوي ليس هو المساوى

 

ولا يقول عاقل أن الصفة تساوي الموصوف، بل يدل هذا على إثبات أقنومين أي شخصين أي إلهين متساويين في كل شيء

ويؤكد ذلك البابا شنودة إذ يقول :

 

(( كل الأقانيم تتساوى في الصفات الإلهية الذاتية. فكم أقنوم أزلي، أبدي، خالق، موجود في كل مكان، غير محدود، قادر علي كل شيء.. في كل هذا يتساوي الروح القدس مع الآب والابن))

 

كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث، فصل)

(- نسجد له ونمجده مع الآب والابن

http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/35-Kanoun-El-Iman/Christian-Faith__35-With-Father-n-Son.html

 

وسلفه في ذلك القديس غريغوريوس النازيانزي والملقب ب"الناطق بالإلهيات" إذ قال :

 

(( Christ.. What great things are there in the idea of God which are not in His power? What titles which belong to God are not applied to him, except only Unbegotten and Begotten? ))

 

( P. Schaff & H. Wace, N. & P.N. Fathers, series 2, Vol. VII, Eerdmans Pub. Company, Sept. 1978, Gregory Nazianzen, Fifth Oration on the Holy Spirit P.327 )

 

الترجمة :

 

(( المسيح.. أى من الأشياء العظيمة التى يمكن لله أن يعملها ولا تكون فى استطاعته ؟ وأى من الأسماء تطلق على الله ولا تطلق عليه، ما عدا اللامولود والمولود ؟ ))

 

 

يمكن الرجوع للمؤلف على الرابط التالي :

http://www.ccel.org/ccel/schaff/npnf207.iii.xvii.html

 

 

فإذا كانت الأقانيم تتساوى في جميع الصفات، فكيف نقول بعد ذلك أنها صفات ؟

 

فالآب عليم والإبن عليم والروح القدس عليم، والعلم من الصفات الذاتية القائمة بالموصوف فالصفة لا تقوم بصفة أخرى ولكنها تقوم بالذات

والآب مكتلم والإبن متكلم والروح القدس متكلم، والكلام من الصفات الفعلية التي تنسب إلى الذات القائمة بنفسها لا إلى صفة من الصفات

 

مثلا في إنجيل متى آخر الإصحاح الثالث نقرأ أنه سُمع صوت من السماء، وهو صوت الآب، وخاطب هذا الصوت الإبن الذي كان يعمد في النهر

 

فما الفرق بين الكلمة التي هي للآب وسمعت من السماء والكلمة المتجسدة التي تعمد في النهر ؟

يلزم من ذلك القول بأن الله كلَّم كلمته (الإبن الذي يعمد في النهر) بكلمته (الكلمة التي سمعت من السماء) وهذا لا يقول به إلا أحمق فسد عقله وفطرته جميعا

 

فعُلم أن لكل أقنوم كلمته الخاصة وصفاته الذاتية الخاصة

 

وإذا كان الآب يمتلك صفة الكلام وكذا الإبن والآب، كيف نقول بعد ذلك أن هذه الأقانيم صفات ؟

 

 

فالصفة يُفعل بها ولا تفعل هي بنفسها لأنها ليست شخصا

 

والأقانيم ذوات وأشخاص تستمد أعمالها من نفسها كما بينا سابقا، فعُلم أنها آلهة وليست بمجرد صفات

 

 

ثم أضافوا قائلين أن الإبن جلس عن يمين الآب -

 

ومعلوم أن الصفة لا تجلس ولا تصعد ولا تنزل ولا تقوم ولا تخرج ولا تدخل ولا يصدر منها عمل

ولكن الإبن أقنوم ولأن الأقنوم ليس صفة بل هي ذات وشخص وإله يستمد عمله من نفسه فلذلك يثبتون له صفات فعلية كالكلام والخلق والنزول والصعود

 

وبعدها قالوا : الرب المحيي المنبثق من الآب -

 

والانبثاق الانفجار، والبثق الخرق والشق، فانبثق أي انفجر(6)

ومعلوم أن صفة الحياة ليست منبثقة أو منفجرة من الذات بل هي صفة لازمة لها، فلا معنى للانبثاق إلا أن يكون إثباتا لإله ثالث منبثق من الأول كما أن الإبن مولود منه (إله حق من إله حق)

 

ثم ذكروا أنهم يسجدون للروح القدس مع الآب والإبن -

ولا يتردد عاقل سلمت فطرته من شوائب الوثنية والشرك في نفي القول بالسجود لله وصفاته، لأن ذلك يقتضي تباينها عنه واستقلالها بالوجود، وهو بمثابة الرجل إذا قال : صافحت رجلا ويده...

فلا يستقيم المعنى إلا إذا أريد بالروح القدس والآب والإبن هنا ثلاثة أقانيم أي ثلاث ذوات وثلاثة أشخاص وبالتالي ثلاثة آلهة، لا صفات، تُعبد

 

والنصارى أثناء "الصلاة" يوجهون دعائهم إلى الآب والإبن والروح القدس، فهل يُعقل ان نصلي لصفة من صفات الله ؟ وهل يعقل أن ندعو صفات الله ؟ هل يستقيم مثلا أن أقول : يا ذات الله ويا كلام الله الله ويا حياة الله اغفر لي وارحمني.... ؟؟؟؟

 

بالطبع لا يجوز هذا إلا عند من فسدت فطرته وعقله ودينه وذوقه

 

فعُلم مما سبق أن ادعائهم بأن الأقانيم هي مجرد صفات مخالف للإيمان المسيحي الكنسي فضلا عن مناقضته للعقل الصريح

 

 

وأما مثالكم : "

الشمس تتكون من قرص ونور وحرارة

فالقرص ليس هو النور والنور ليس هو الحرارة والحرارة ليست هي القرص

"ولكن هذه الثلاثة هي واحد ونطلق عليها اسم الشمس

 

فهو مثال فاسد باطل لا يمثل حقيقة الثالوث لأنه بني على أساس أن الأقانيم صفات وقد بينا خلاف ذلك فيما سبق وما بني على باطل فهو باطل

فالنور لوحده لا يقوم بوظيفة الشمس وليس شمساً كاملة، والحرارة لوحدها لا تقوم بوظيفة الشمس وليست شمسا كاملة، بينما كل أقنوم لوحده إله كامل، يقوم لوحده بسائر وظائف الإله

 

كما نقلنا سابقا عن البابا شنودة :

 

(( كل الأقانيم تتساوى في الصفات الإلهية الذاتية. فكم أقنوم أزلي، أبدي، خالق، موجود في كل مكان، غير محدود، قادر علي كل شيء.. في كل هذا يتساوي الروح القدس مع الآب والابن))

 

كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث، فصل)

(- نسجد له ونمجده مع الآب والابن

http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/35-Kanoun-El-Iman/Christian-Faith__35-With-Father-n-Son.html

 

فالنور والحرارة صفتان من بين صفات الشمس

والأقانيم ليست صفات

 

فالمثال الصحيح الذي يمثل الثالوث على حقيقته هو ثلاث شموس وليس شمسا واحدة لها ثلاث صفات

 

وهذا ما أشار إليه القديس غريغوريوس النازيانزي المشهور بلقب "الناطق بالإلهيات" ونبه عليه، إذ حذر من الخلط بين الصفة والأقنوم فقال :

 

(( Again I thought of the sun and a ray and light.  But here again there was a fear lest people should get an idea of composition in the Uncompounded Nature, such as there is in the Sun and the things that are in the Sun.  And in the second place lest we should give Essence to the Father but deny Personality to the Others, and make Them only Powers of God, existing in Him and not Personal.  For neither the ray nor the light is another sun, but they are only effulgences from the Sun, and qualities of His essence.  And lest we should thus, as far as the illustration goes, attribute both Being and Not-being to God, which is even more monstrous. ))

 

( P. Schaff & H. Wace, N. & P.N. Fathers, series 2, Vol. VII, Eerdmans Pub. Company, Sept. 1978, Gregory Nazianzen , Fifth Oration on the Holy Spirit p..328 )

 

ويمكن الرجوع للاقتباس على الموقع التالي :

http://www.ccel.org/ccel/schaff/npnf207.iii.xvii.html الفقرة 32

الترجمة :

 

(( وفكّرتُ كذلك فى الشمس، والشعاع، والنوروهذا لا يخلو أيضاً من خطر: يُخشى أولاً تصوّر تركيب ما فى الطبيعة غير المركّبة-كما يكون ذلك فى الشمس وخصائصها، ويُخشى ثانياً أن يُخص الآب وحده بالجوهر فتزول أقنومية الآخريْن،ويكونان قوتين لازمتين لله لا أقنوميْنفليس الشعاع شمساً وليس النور شمساً، بل فيض شمسى ومزيّة (خاصية أو صفة) جوهريةوأنه ليُخشى عند التمسك بهذا التشبيه أن يُنعَت الله بالوجود وباللاوجود معاً، وهذا منتهى السخف ))

 

إذن كما قال "الناطق بالإلهيات" القديس غريغوريوس :"فليس الشعاع شمسا وليس النور شمسا" مما يدل على أن التشبيه الصحيح هو ثلاث شموس وليس شمس ذات ثلاث صفات

 

فنقول لمن يتمسك بهذا التشبيه من عوام النصارى وكذا من علمائهم : حذاري من الابتداع والهرطقة والفسق (الخروج) عن الإيمان القويم والصحيح لمجرد محاولة إقناع المسلمين بأن شرككم هو عين التوحيد

 

ويشبهون الثالوث بالإنسان فيقولون هو مكون من ذات وعقل وحياة وهذه صفات وليست أقانيم

فالمثال الصحيح ليس هو إنسان واحد ذو ثلاث صفات، بل ثلاثة رجال كل رجل يساوي الآخر كما أن الأقانيم تتساوى فيما بينها، وهو من نفس نوع المثال السابق (الشمس-النور-الحرارة) والذي بينا فساده وعدم انطباقه على معتقدهم

 

ويتبين ذلك إذا قرأنا ما قاله الأنبا غريغوريوس (الأسقف العام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافية القبطية والبحث العلمي) إذ يقول :

 

(( إذ يبقى بعد الزواج شخصان : رجل وامرأة هما جوهران، وشخصان، وأقنومان وطبيعتان، ينفصلان بالموت، وحتى لو عاشا معاً كل الحياة، فإن لكل منهما شخصيته، وكيانه، وطبيعته. ))

( موسوعة الأنبا غريغوريوس – كتاب اللاهوت المقارن – ص297 )

 

فالرجل والمرأة أقنومان كما ذكر الأنبا غريغوريوس وليس الرجل صفة ولا المرأة، فالأقنوم شخص قائم بذاته ولذلك لا يستقيم التمثيل له بصفة من الصفات

 

وللجزم في المسألة نسأل سؤلا إلزاميا : هل يسوع المسيح، أي الكلمة المتجسدة، أقنوم واحد أم أقنومان بعد الاتحاد ؟

 

إذا كان الجواب أقنوم واحد

 

عُلم أن الأقنوم الواحد يمكنه أن يشمل أكثر من طبيعة، إذ الكلمة المتجسدة عبارة عن اتحاد أقنومي بين الجسد الإنساني والروح الإنسانية من جهة واللاهوت أي أقنوم الكلمة من جهة أخرى

فإذا كان اللاهوت وهو متحد بالإنسان اتحادا أقنوميا يُكوِّن أقنوما واحدا، فمن باب أولى أن الإنسان لوحده بدون لاهوت أقنوم واحد وليس ثلاثة أقانيم، وحينها يزول اللبس (إذ التشبيه الخاطئ قائم على جعل الطبيعة الجسدية أقنوما والطبيعة الروحية أقنوما آخر فخلط بين الطبيعة والأقنوم)

 

وإذا سلّمنا جدلا أن الجسد اقنوم والروح اقنوم آخر بدليل أنهما ينفصلان (والصفة لا تفارق الموصوف أو تنفصل عنه)، فهما عند الاتحاد اقنوم واحد وهو الانسان لاتحادهما، وعند الانفصال اقنومان لانفصالهما(7)، فعلى هذا القياس ينبغي ان يكون الآب والابن والروح القدس اقنوما واحدا لعلّة اتحداهم، أمّا وأنتم تثبتون ثلاثة أقانيم فيلزمكم من ذلك إثبات انفصالها أو الجمع بين النقيضين الاتحاد والتعدد، إذ مقتضى الاتحاد آحادية ووحدانية الذات والاقنوم، ولذلك قلتم أن اللاهوت والناسوت بعد اتحادهما أقنوم واحد (كما سيأتي توضيحه من أقوال الآباء والقديسين) لعلّة الاتحاد، فمن التناقض إثبات الاقنوم الواحد في حق اللاهوت والناسوت لعلّة اتحداهما، وإثبات ثلاثة أقانيم للإله مع القول باتحادها، فكلاهما مستو في الاتحاد، ومن المعلوم أن الاستواء في الدليل يلزم منه الاستواء في المدلول(8)، فإذا كان الدليل الذي يستويان فيه هو الاتحاد، فالمدلول الذي ينبغي أن يستويا فيه هو إثبات وحدانية الاقنوم، فيصير الآب والابن والروح القدس أقنوما واحدا، بل نقول أن ذلك لازم في الاقانيم الثلاثة أكثر مما يلزم في اتحاد اللاهوت والناسوت، وبيان ذلك أن الاقانيم الإلهية عند النصارى من طبيعة واحدة وجوهر واحد بينما الكلمة المتجسدة من طبيعتين وجوهرين مختلفين، فزادت حتمية إثبات الاقنوم الواحد في الذات الإلهية تأكدا وتقررا على أصلكم ومعتقدكم ومثالكم(9)

 

فعُلم ممّا سبق أن إثبات الاقنوم الواحد داخل الذات الإلهية، على قياس النصارى ومثالهم في محاولة إثبات تعدد الاقانيم، لازم لزوما لا محيد منه، وبذلك ينقلب السحر على الساحر، وكل الامثلة التي يحاول النصارى التمسك بها دليل عليهم لا لهم، ويلزم من الاعتماد عليها الخروج عن الايمان النصراني والكنسي القويم أو الاضطراب والتناقض عند المعاندة والمكابرة وعدم التسليم بذلك

 

 

 

أما إذا كان الجواب أقنومان

 

فهذا مخالف لإيمان سائر الطوائف المسيحية، إذ جل الكنائس والطوائف مجمعة على وحدة أقنوم الكلمة المتجسدة رغم اختلافها في تعدد طبيعاتها

 

جاء في قانون مجمع خلقدونية : (( ... هو مسيح واحد وابن واحد ورب واحد والمولود الوحيد، كائن بطبيعتين غير ممتزجتين ولا متغيرتين ولا منقسمتين ولا منفصلتين، والفرق بين الطبيعتين لم يتلاشَ باتحادهما، بل خواص كل منهما الخاصة باقية ومجتمعة في شخص واحد وأقنوم واحد غير منفصل ولا منقسم إلى شخصين،... ))

 

( قوانين وتعاريف العقيدة الكاثوليكية ل دنزنجر (Denzinger) - رقم 302 )

 

يمكن الرجوع للمصدر مترجما للفرنسية على الرابط التالي

http://www.documentacatholicaomnia.eu/03d/1957-1957,_Denzinger,_Enchiridion_Symbolorum,_FR.pdf

 

 

ويقول القديس أثناسيوس الرسولي :

 

(( إن الجسد والغير جسد اشتركا بالإجماع في طبيعة واحدة، ووجه واحد، وأقنوم واحد، واحد هو، وهو الله والإنسان معاً، وهو هو لا يقبل تغيِيّر ولا استحالة، بل أقنوم واحد، ووجه واحد ))

 

( نقلا عن كتاب "حتمية التجسد الإلهي" كنيسة القديسين مارمرقس والبابا بطرس، السؤال 42، ب)

 

يمكن الرجوع له على الرابط التالي : http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-021-Sts-Church-Sidi-Beshr/002-Hatmeyat-Al-Tagasod-Al-Ilahy/Inevitability-of-the-Incarnation__42-Result.html

 

ويَفْصل في المسألة عامود الدين القديس كيرلس الإسكندري إذ يقول :

 

((  أما بالنسبة لأقوال مخلصنا في الأناجيل فإننا لا نقسمها إلى أقنومين أو إلى شخصين، لأن المسيح الواحد الوحيد ليس فيه ثنائية رغم أننا نعتبره من عنصرين مختلفين إتحدا في وحدة غير منقسمة، وبنفس الطريقة فإننا مثلاً لا نعتبر أن في الإنسان ثنائية مع أنه يتكون من عنصرين هما النفس والجسد. ))

 

( الرسالة الثالثة من القديس كيرلس السكندري إلى نسطور، الفقرة 8 )

 

يمكن الرجوع للرسالة كاملة على الرابط التالي : http://st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_02-History-of-the-Coptic-Church-Councils-n-Christian-Heresies/Al-Magame3-Al-Maskooneya/Malahek-Magma3-Afasos/Letter-No-17-Pope-Cyril-I-to-Nestorius.html

 

وحتى لا نُتهم أن فهمنا لأقوال الآباء والباباوات والقديسين مغلوط، نشير إلى شرح الانبا بيشوي لما قاله عامود الدين القديس كيرلس السكندري :

 

(( وقد استخدم القديس كيرلس تشبيه الإنسان لإبراز معنى الاتحاد الطبيعى والأقنومى. فقال أن الإنسان مكون من طبيعتين مختلفتين متحدتين اتحاداً طبيعياً في شخص واحد بسيط لتكوين أقنوم الإنسان المركب الواحد. والجسد الإنسانى يخص النفس العاقلة البشرية ويتحد بها اتحاداً طبيعياً بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. وقال إن الكلمة المتجسد مكوّن من طبيعتين مختلفتين؛ الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية وقد اتحدتا اتحاداً طبيعياً لتكوين الأقنوم الواحد ))

 

( المجامع المسكونية والهرطقات - الأنبا بيشوي - 68 : معنى الاتحاد الأقنومي )

 

نحيل إلى الرابط التالي لمن يحب التأكد من المرجع : http://st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_02-History-of-the-Coptic-Church-Councils-n-Christian-Heresies/Al-Magame3-Al-Maskooneya/Encyclopedia-Coptica_Councils_68-Ma3na-Al-Etehad-Al-Oknoumy.html

 

ويقول القديس فيلكس أسقف روما (المولود سنة 210 م) :  (( نؤمن الآن بالمسيح يسوع إلهنا، ونعترف بأقنومه الواحد والشخص الواحد والطبيعة الواحدة التي لله الكلمة صار جسدًا، وأيضًا بالحبل بلا زريعة هو الله الكلمة صار جسدًا ))

 

ويقول القديس باسليوس : (( لسنا نقول عن الإبن أنه إثنان، ولا نقول اللاهوت منفردًا بذاته ولا الناسوت بذاته، بل نقول طبيعة واحدة وأقنومًا واحدًا ))

 

ويقول القديس بطرس السدمنتي (بعد ذكر أدلته لاثبات العقيدة الارثوذكسية في الاتحاد) :

 

(( بهذه الأدلة ثبت عندنا القول بأنه أقنوم واحد، طبيعة واحدة، جوهر واحد، فعل واحد، مشيئة واحدة ))

 

( نقلاً عن كتاب "حتمية التجسد الإلهي"، الصادر عن كنيسة القديسين مارمرقس والبابا بطرس، السؤال 41)

 

يمكن الرجوع له على الرابط التالي : http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-021-Sts-Church-Sidi-Beshr/002-Hatmeyat-Al-Tagasod-Al-Ilahy/Inevitability-of-the-Incarnation__41-One-Nature.html

 

ونختم بذكر قول البابا القديس كيرلس الإسكندري الملقب بعمود الدين في موضع آخر للتأكيد على كل ما ذكرناه والجزم في هذه القضية :

 

(( ان طبيعة الإنسان يُعترف بها انها واحدة، وانها اقنوم واحد، حتى بالرغم من انه معروف عنها انها (مكونة) من عناصر مختلفة مباينة الانواع، لأن من المعروف ان الجسد من طبيعة مختلفة عن النفس، لكنه جسد بالنفس، ويكمل اقنوم الانسان الواحد ))

 

( رسالة القديس كيرلس الإسكندري إلى فاليريان، نقلا عن كتاب "حتمية التجسد الإلهي" لكنيسة القديس مارمرقس والبابا بطرس، تحت عنوان : ما هي التشبيهات التي تقرب لنا معنى التجسد ؟ )

http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-021-Sts-Church-Sidi-Beshr/002-Hatmeyat-Al-Tagasod-Al-Ilahy/Inevitability-of-the-Incarnation__50-Examples.html

 

إذن فاقوال آباء الكنيسة وقديسيها واضح في أن الإنسان بطبيعته الجسدية والروحية وبسائر صفاته ما يُكَوِّن إلا أقنوما واحد، والإله عندكم ثلاثة أقانيم، فبطل تشبيهكم لعدم انطباقه على إيمانكم

 

 

 

 

 

 

وتأتي تصريحات "الناطق بالإلهيات" القديس غريغوريوس النازيانزي (أحد الآباء الثلاثة الكبادوك ( بآسيا الصغرى ) العظام والذي تذكره الكنيسة القبطية في مجمع القداس الإلهي) كصواعق فوق رؤوس المتشبتين بشتى انواع التمثيلات لتجويز الثالوث عقلا

وتصريح القديس غريغوريوس نتيجة تفكر عميق وتأمل طويل كما ذكر هو نفسه، فوصل به الأمر إلى دحض ورفض جل التشبيهات المتداول عليها بين النصارى ونقدها والاعتراف بعدم انطباقها على الإيمان النصراني السليم والمستقيم

 

يقول الناطق بالإلهيات :

 

(( I have very carefully considered this matter in my own mind, and have looked at it in every point of view, in order to find some illustration of this most important subject, but I have been unable to discover anything on earth with which to compare the nature of the Godhead. For even if I did happen upon some tiny likeness it escaped me for the most part, and left me down below with my example. I picture to myself an eye, a fountain, a river, as others have done before, to see if they first might be analogous to the Father, the second to the Son, and the third to the Holy Ghost. For in these there is no distinction in time, nor are they torn away from their connexion with each other, though they seem to be parted by three personalities. But I was afraid in the first place that I should present a flow in the Godhead, incapable of standing still; and secondly that by this figure a numerical unity would be introduced. For the eye and the spring and the river are numerically one, though in different forms.

  Again I thought of the sun and a ray and light. But here again there was a fear lest people should get an idea of composition in the uncompounded Nature, such as there is in the sun and the things that are in the sun. And the second place lest we should give Essence to the Father but deny Personality to the others,and make Them only Powers of Godexisting in Him and not Personal. For neither the ray nor the light is a sun, but they are only effulgences from the sun, and qualities of its essence. And lest we should thus, as far as the illustration goes, attribute both Being and Not-being to God, which is even more monstrous ))

 

( Theological Oration (on the Holy Spirit), Articles XXXI and XXXII )

 

رابط يمكن الرجوع من خلاله لكلام القديس : http://www.ccel.org/ccel/schaff/npnf207.iii.xvii.html

 

الترجمة :

 

 

((لقد تدارست هذا الأمر فى عقلى الخاص بتدقيق وقلبت الأمر من كل الجهات ومن جميع وجهات النظر لأجد بعض النماذح الموضِّحة لهذا الأمر الهام. ولكننى لم أجد شيئاً على هذه الأرض يصلح للمقارنة بطبيعة اللاهوت. لأنه حتى إن وجدت بعض التشابه الطفيف فإن الأكثر يهرب منى ويتركنى فى الأسافل مع نموذجى.

لقد تصورت عيناً، وينبوعاً، ونهراً، وهكذا فعل غيرى من قبل، لأرى هل يتماثل الأول مع الآب والثانى مع الابن والثالث مع الروح القدس لأن فى هذه لا فرق هناك زمنياً ولا ينفصلون عن بعضهم البعض وإن كانوا يتمايزون فى ثلاثة شخوص. ولكنى خفت أولاً أن أجعل فى اللاهوت سرياناً لا يمكن أن يتوقف. وفى المقام الثانى فإن بهذا النموذج نُدخِل وحدة رقمية لأن كلاً من العين والنبع والنهر هم عددياً واحد وإن اختلفت الأشكال.

 

وفكّرتُ كذلك فى الشمس، والشعاع، والنوروهذا لا يخلو أيضاً من خطر: يُخشى أولاً تصوّر تركيب ما فى الطبيعة غير المركّبة-كما يكون ذلك فى الشمس وخصائصها، ويُخشى ثانياً أن يُخص الآب وحده بالجوهر فتزول أقنومية الآخريْن،ويكونان قوتين لازمتين لله لا أقنوميْنفليس الشعاع شمساً وليس النور شمساً، بل فيض شمسى ومزيّة (خاصية أو صفة) جوهريةوأنه ليُخشى عند التمسك بهذا التشبيه أن يُنعَت الله بالوجود وباللاوجود معاً، وهذا منتهى السخف))

 

فنتمنى من النصارى وعلمائهم الاقتداء بسلفهم واتباعه وعدم الخروج عن تعاليمه إذ هم القديسون الذين نقلوا الإيمان الرسولي المستقيم ولم يحيدوا عنه بل نصروه بالسيف والقلم وجاهدوا في سبيله جهادا أكبر، فالإقرار بعدم تماشي تشبيهاتكم مع معتقدكم الثالوثي لهو أكبر شكر تقدمونه لهم

 

وأبلغ ما يمكن تمثيل الثالوث به تمثيلا صحيحا لا يؤدي بنا إلى الهرطقة هو :

 

فريق واحد

يتكون من ثلاثة لاعبين

 

فالإله الواحد عند النصارى هو الفريق

والأقانيم هم اللاعبون الثلاثة

ولا شك أن هذا النوع من الوحادنية لا يتصف به الإله، لانها وحدانية غير حقيقية وإنما هي أمر كلي ذهني واشتراك لفظي لا وجود له في الخارج (أي خارج الذهن والتصور البشري، فلا يوجد في خارج الذهن شيء اسمه فريق وإنما مجموع اللاعبين يسمى فريقا)

 

 

ومن خلال ما سبق يمكننا أن نضع قاعدة جوهرية للرد على أي تشبيه يقدمه النصارى لتبرير الثالوث عقلا على الشكل التالي

:

 

لاَ يَخْدَعْكَ تَشْبِيهُ النَّصَارَى لِمَعْبُودِهِمْ بِالْمُرَكَّبَاتِ، إِذْ كُلُّ تَشْبِيهٍ خَلْطٌ بَيْنَ الْأَقَانِيمِ وَالصِّفَاتِ، فَكُلُّ مُشَبَّهٍ بِهِ ذَكَرُوا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ،ثَلاَثَةٌ مِنْ جِنْسِهِ التَّشْبِيهُ الصَّحِيحُ الْخَالِي مِنَ الْهَرْطَقَاتِ

 

 

ومعنى ذلك أن النصارى خلال محاولاتهم الفاشلة لتبرير الثالوث عقليا عبر أمثلة، يذكرون دائما شيئا مركبا وينسبون له ثلاث صفات، فالرد عليهم حينها أن المثال الصحيح الذي يخلو من كل هرطقة هو ثلاثة من هذا الشيء المركب لا واحد ذو ثلاث صفات

 

أمثلة للفهم :

 

الشمس قرص ونور وحرارة، وهذه الثلاثة واحد وهي الشمس -

 

هذا لا يمثل الثالوث تمثيلا صحيحا وحذر من ذلك القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات (كما نقلنا سابقاً) إذ المثال الصحيح هو :

 

ثلاث شموس، لا شمس ذات ثلاث صفات

 

الإنسان مركب من بدن وروح وعقل، وهذه الثلاثة واحد وهو الإنسان -

 

هذا لا يمثل الثالوث تمثيلا صحيحا فالمثال الصحيح هو :

 

ثلاثة رجال، لا رجل ذو ثلاث صفات

 

الكتاب عبارة عن ورق وغلاف وحبر، وهذه الثلاثة شيء واحد وهو الكتاب -

 

هذا لا يمثل الثالوث حقيقة فالمثال الصحيح هو :

 

ثلاثة كتب، لا كتاب ذو ثلاث صفات

 

المثلث يتكون من ثلاثة أضلاع، وهذه الثلاثة واحد وهي المثلث -

 

هذا لا يمثل الثالوث حقيقة إذ المثال الصحيح هو :

 

ثلاثة مثلثات، لا مثلث ذو ثلاثة أضلاع

 

إلى غير ذلك من الأمثلة... والغاية هنا من ذكرها تبيان الخلط عند القوم، وإيضاح الفرق بين الصفة والاقنوم للرد على أمثلتهم الخاطئة

 

 

 

 

 

 

إذا كان ما سلف ذكره لا يؤدي بنا إلى الهرطقة من المنظور المسيحي، فهو يقودنا مباشرة إلى الشرك بالله عز وجل من المنظور الكتابي حيث جاء في الكتاب المقدس أن المسيح عليه السلام قال ناقلا عن سيدنا موسى عليه السلام : الرب إلهنا رب واحد في ترجمة الفاندايك، وفي الترجمة اليسوعية والاخبار السارة والعربية المشتركة والكاثوليكية : الرب إلهنا هو الرب الأحد (إنجيل مرقس الإصحاح 12 العدد 29).

 

 

وقد أدرك نخبة من علماء النصارى استحالة تبرير الثالوث عقلا وعبر أمثلة  فما كان لهم إلا أن يعترفوا ويقروا بذلك سالكين مهربهم الوحيد ألا وهو ادعاء "سمو الثالوث عن إدراك العقل" (وقد بينا في بداية المقال الفرق بين مُحالات ومَحارات العقول)، كما جاء في دائرة المعارف الكتابية :

 

(( عقيدة الثالوث ليس لها برهان عقلاني : لا يمكن إثبات عقيدة الثالوث بالعقل لأنها تسمو عن إدراك العقل ))

 

ثم تذكر الموسوعة محاولات لتفسير الثالوث من خلال أمثلة وتعقب على ذلك قائلة :

 

(( ولكن كل هذه التشبيهات عرضة للجدل والشطط، فالله لا مثيل له ولا شبيه وهو القائل : فمن تشبهونني فأساويه يقول القدوس - إش25:40 ))

 

( دائرة المعارف الكتابية، حرف ث، مادة ثالوث ص 429 - دار الثقافة - )

 

 

من خلال ما ذكرناه نتوصل إلى خلاصة مهمة وهي أن النصارى يخفون عقيدتهم ويخبرون بخلاف ما يؤمنون به حتى يدلسوا على العامي الذي لم يدرس معتقدهم ولم يدقق فيه وهذا ما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية إذ قال في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح :

 

وتبين أنكم تقولون لمن يناظركم خلاف ما تعتقدونه وهذان أمران معروفان في دينكم تناقضكم وإظهاركم في المناظرة بخلاف ما تقولونه من أصل دينكم

  

 

ونختم بذكر هذه الخلاصة الجامعة المانعة والدقيقة لعقيدة النصارى في الله عز و جل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

 

فهو حقيقة قولهم يجمعون بين جعل الآلهة واحدا وإثبات ثلاثة آلهة وبين إثبات جوهر واحد وبين إثباته ثلاثة جواهر  وقد نزه الله نفسه عن ذلك بقوله # ^ قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ^ # فنزه نفسه أن يلد كما يقولون : هو الأب، وأن يولد كما يقولون : هو الابن، وأن يكون له كفوا أحد كما يقولون : إن له من يساويه فيالجوهر

 

 

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

 

آل عمران 64

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحواشي :

 

 

(1) 

جاء في كتاب "حتمية التجسد الإلهي" لكنيسة القديس مارمرقس والبابا بطرس، سؤال هل جسد المسيح مخلوق ؟

 

(( معنى الأزلي انه ليس له بداية، وقد اتفقنا أن جسد المسيح له بداية، فكيف أصبح بعد الإتحاد ليس له بداية؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍‌‍‍!!‌‌‌...هذا ضد العقل والمنطق والتفكير السليم ))

http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-021-Sts-Church-Sidi-Beshr/002-Hatmeyat-Al-Tagasod-Al-Ilahy/Inevitability-of-the-Incarnation__32-Jesus-Body-Created.html

 

فنجد أن النصارى (وعلى رأسهم القديس أثناسيوس) يرفضون فكرة أزلية جسد المسيح بعد اتحاده باللاهوت ويردونها ردا عقليا وينكرون على من قال بذلك من المسيحيين الاوائل مؤكدين أن الاتحاد له بداية زمنية وبالتالي فهو مُحدث والحدوث والأزل لا يجتمعان، فهل يا ثرى، إذا زعم متبنوا عقيدة أزلية جسد المسيح، أن قولهم فوق العقول سيقبل النصارى هذا الجواب ؟ أم أن ردهم حينها أن الجمع بين الحدوث والأزل جمع بين النقيضين وهو محال عقلا ؟

 

 

 

(2) يقول الدكتور القس منيس عبد النور : (( التناقض هو القول بوجود شيء وعدم وجوده في وقت واحد وبمعنى واحد. وهو القول باجتماع صفتين متناقضتين في شخص واحد. وهو القول إن أمراً ما صادق وكاذب معاً. وقد قال أرسطو: «يستحيل القول بوجود صفة وعدم وجودها في شخص واحد، في وقت واحد، وبمعنى واحد». فإذا ثبت مخالفة مبادئ هذا التعريف في أية عبارة فلا بد من الحكم بوجود تناقض فيها ))

 

( شبهات وهمية حول الكتاب المقدس، مقدمة عامة )

 

(يمكن الرجوع للمرجع على الرابط التالي http://www.answering-islam.org/Arabic/Books/Claims/intro1.html )

 

 

(3)

  رحم الله من قال : الـرُّسـل ــ صلوات الله عليهم ــ بُـعِـثـوا بـتـكـمـيـل الـفـطـرة وتـقـريـرهـا، لا بـتـبـديـل الـفـطـرة وتـغـيـيـرهـا

 

(4) يقول الامام الفخر الرازي بعد ذكر المعاني المتداولة للولادة : (( فثبت بما ذكرنا أنه لا يمكن إثبات الولد لله تعالى بناء على هذين الاحتمالين المعلومين، فأما إثبات الولد لله تعالى بناء على احتمال ثالث فذلك باطل. لأنه غير متصور ولا مفهوم عند العقل، فكان القول بإثبات الولادة بناء على ذلك الاحتمال الذي هو غير متصور خوضاً في محض الجهالة وأنه باطل )) ( مفاتيح الغيب للفخر الرازي، تفسير سورة الأنعام، الآية 101)

ويقول الإمام البيضاوي في تفسير نفس الآية : (( المعقول من الولد ما يتولد من ذكر وأنثى متجانسين والله سبحانه وتعالى منزه عن المجانسة. ))  (أنوار التنزيل وأسرار التأويل للإمام البيضاوي، سورة الأنعام، الآية 101)

 

(5) المسألة على شكل حوار بين مسلم ومسيحي لتبسيطها وتيسير الفهم بالتدرج :

http://www.facebook.com/note.php?saved&&note_id=10150683547222267

 

(6) لسان العرب (حرف الباء "بثق") : (( وبَثَق السيلُ موضع كذا يبثُق بَثْقاً وبِثْقاً؛ عن يعقوب، أَي خَرَقه وشقَّه فانبثق له أَي انفجَر ))

وفي القاموس المحيط (حرف الباء "بَثَقَ") : (( وانْبَثَقَ: انْفَجَرَ ))

 

(7)  والروح لوحدها ليست إنساناً كاملا ولا الجسد لوحده إنسان كامل، والأقنوم عندهم إله كامل، فسقط القياس من هذا الوجه كذلك.

 

(8) مثال لفهم القاعدة : لو افترضنا أن الدليل على صحة النبوة هو المعجزة، فالدليل هنا هو المعجزة والمدلول هو النبوة، فإذا صرح أحد بنبوة موسى عليه السلام من أجل أنه اتى بمعجزة، وأتى شخص بجنس معجزته بعده، فقد استوى معه في الدليل الذي هو المعجزة، فاللازم من ذلك أن يستوي معه في المدلول الذي هو النبوة.

فكذلك الدليل عندهم على القول بالأقنوم الواحد في اللاهوت والناسوت هو الاتحاد، فالدليل هو الاتحاد والمدلول هو وحدانية الأقنوم، وهذا الاتحاد ثابت عندهم في حق الآب والابن والروح القدس، فلزم أن يكونوا أقنوما واحدا ليتحقق المدلول.

 

(9) ومن التناقض العجيب، والاضطراب المريب، أن النصارى الارثوذكس لا يجوزون التفريق بين اللاهوت والناسوت ولو لفظا (معللين ذلك بالاتحاد)، بينما يطنبون في التمييز بين الاقانيم الثلاثة من حيث اللفظ والمعنى فشهدوا على أنفسهم بالشرك من حيث لا يشعرون.

 

 

مقدم شرف الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق