[caption id="" align="alignleft" width="180"]

تأملت في تاريخ الأمة الإسلامية طويلاً، وتأكدت من أنها لا تصاب من الخارج، وتلحقها الآلام الشداد إلا بعد أن تصاب من الداخل، وينفرط عقدها وتذهب رسالتها
ليس لنا أن نسيء وننتظر من الله الإحسان، ولا أن نغدر
بمعالم دينه وحقائق رسالته، ثم نرقب منه –سبحانه- البر والنصر! لماذا وهو القائل لنا –بعدما حملنا أمانات الوحي (فَاذكُرُونيِ أَذكُركُم وَاشكُرُوا ليِ وَلاَ تَكفُرُونِ ) (البقرة:151)
إن لدينا كتابًا يخرج الناس من الظلمات إلى النور، فإذا أبينا المشي في هداه وإذا غطينا بأهوائنا وهجه فهل يتركنا القدر لنعبث كما نشاء؟
ولأترك الكلام الآن عن حاضرنا الموجع، ولأقلب صفحات الماضي البعيد لأقرأ من سطوره ما يثير العبرة ويوقظ الفكرة.
وقد يكون الحاضر صورة من الماضي فندرك أن القضية واحدة والحكم هو هو!!
تأملات فى التاريخ
==============
قال التاريخ:
--------------
هجم الصليبيون على العالم الإسلامي بعدما حفرت الفرقة بين دوله خنادق بعيدة القاع، فأمسى بعضها يتربص بالبعض الآخر، ويتمنى له الدمار!
الدولة الفاطمية في الشمال الأفريقي ومصر تغير على الدولة العباسية في العراق والشام والحجاز، والدولة الأموية في الأندلس تتمنى البوار للفريقين، كي يؤول إليها الميراث الدسم..والفرقاء المتشاكسون محصورون في أحقادهم، لا يحسون الزحف الصليبي القادم من الغرب، ولا الزحف التتاري القادم من الشرق..!!
أيرضى الإسلام عن هذه الضغائن الخسيسة، أو ينتظر من أصحابها أن يخدموا عقائده وشرائعه؟!
ما خدعتني الألقاب المهيبة التي شهر بها هؤلاء، ولا دلت على رسوخ في دين أو مكانة في دنيا!!
هرب الخليفة العباسي "القائم بأمر الله" بعدما سقطت بغداد في أيدي الفاطميين، واعتقله أحد البدو، ولكن الملك السلجوقي "طغرلبك" استنقذه ورده إلى عاصمة ملكه، فكافأه الخليفة على حسن صنيعه بأن زوّجه من أخته، ولقبه ملك المشرق والمغرب، وأطلق يده في إدارة الدولة!!
ومات الملك السلجوقي فورثه ابن أخيه "ألب" ومات الخليفة العباسي وورثه عباسي آخر لقب نفسه "بالمقتدى" وكان شابًا في التاسعة عشرة من عمره..
ولم يكن الشاب الشريف النسب! قديرًا على الإدارة، فتولاها عنه سلجوقي آخر يدعى "ملكشاه"، وهو ابن إلب أرسلان الذي توفي بعد حياة عامرة بالجهاد..
قال التاريخ
------------
واستبد "ملكشاه" بالسلطة، وازدرى الخليفة ، وبلغ من احتقاره له أن أمره بترك بغداد، وتضرع الخليفة إليه أن يمهله شهرًا، فأبى بعد إلحاح إلا أن يمهله عشرة أيام وحسب.!!
وشاء الله أن يموت "ملكشاه" قبل انقضاء الأجل المضروب، وتكتمت زوجته نبأ موته، وذهبت إلى الخليفة المهدد طالبة أن يولّي ابنه مكانه، وكان الولد لا يبلغ من العمر خمس سنين، ولكن الخليفة المقتدى ولاه، ومنحه لقب ناصر الدين والدنيا.!!
أرأيت هذا الهزل كله؟ إنها مساخر يحار المرء كيف تقع باسم الإسلام في عاصمة الإسلام.!
ومتى يحدث هذا السخف في دفة الحكم؟ يحدث وملوك أوروبا وبابا الفاتيكان ورجال الكنيسة يصرخون بضرورة الثأر من المسلمين والإجهاز على دين محمد.!
لكن هذه الصيحات لا يبلغ صداها رجال السياسة العليا في بلادنا! إنهم ينادون من مكان بعيد! إنهم غرقى في شهواتهم الشخصية، ومطامعهم العرقية.
لقد فهموا من الإسلام شيئًا واحدا، أن الوحي الأعلى نزل ليخص أفراد أسرتهم بمكانة ممتازة.
فبعد ستة قرون أو أقل أو أكثر من شيوع الإسلام، يرى شاب مسكين من ولد العباس أنه جدير بقيادة العالم الإسلامي.!
أو يرى نظير له من بني أُمية أن المسلمين على شاطئ الأطلسي يجب أن يدينوا له بالطاعة!
. ألم...يكن أجداده الأمجاد عمدا في بطحاء مكة قديمًا؟
ولو انتقل الإسلام إلى غرب الأطلسي واعتنقه سكان الأمريكتين فينبغي أن يدخلوا في سلطانه، أليس من قريش؟
إن أي مملوك عديم الكفاية يغنيه هذا الانتساب ليطلب أمرًا لا يعرف له رأسًا منذنب!!.
.والغريب أن صاحب الرسالة قال لابنته فاطمة: "يا فاطمة بن محمد (ص) أعملي لا أُغني عنك من الله شيئًا"، ثم جاء بعد ذلك من ينتسب إلى فاطمة بالحق أو بالباطل ليتذرع بهذا النسب إلى قيادة المسلمين.!!
الحق أن الأجهزة العليا للدولة الإسلامية لحقها عطب مبكر من جراء هذه المزاعم الصبيانية، وأن غلبة التافهين على مناصب الخلافة أصاب الأمة الإسلامية كلها بجرح غائر، مازال ينزل حتى أفقدها الحياة، ومكن منها الأعداء.
ثم كان سببًا في أن ناسًا من أهل الطموح والقدرة رأوا العجز الفاضح لأبناء هذه الأُسر، فنحوهم عن السلطة واحتازوها لأنفسهم.
ولما كان التطلع والادعاء شائعين بين الناس، فقد تهارش على الحكم طامعون كثيرون، وأصبح الاستيلاء على مقاليد الحكم مطلبًا ميسورا لكل من يملك سيف المعز وذهبه..
وبديه أن يستخفى في هذا الجو ذوو المروءة والشرف والعفاف والتقى!،
فماذا يصنعون؟ وبأي سلاح يقاتلون؟
لنطو هذا التعليق السريع، ولنعد أدراجنا إلى بلاد الإسلام قبيل الحملة الصليبية الأولى، عندما كان أولاد العباس، وأولاد فاطمة، وأولاد أُمية يتنافسون على مقاليد الحكم في العالم الإسلامي..
في مقدمة جيدة كتبها الشيخ علي محمد يوسف المدرس بكلية الشريعة بجامعة قطر، عن ابن الجوزي جاءت هذه العبارات في وصف المسلمين قبيل الهجوم الصليبي: "بينما هم في غمرة انقسامهم على أنفسهم إذ برز عدو يرفع شعار الصليب يريد القضاء عليهم واقتلاع الإسلام من جذوره!
وقد قامت أولى الحملات الصليبية سنة 492هـ. وقال عنها ابن الجوزي: وردت الأخبار بأن الإفرنج ملكوا أنطاكية، ثم جاءوا معرة النعمان فحاصروها، وقتلوا ونهبوا، وقيل: إنهم قتلوا ببيت المقدس سبعين ألف نفس، وكانوا قد خرجوا في ألف ألف..."
ونقف عند عبارة ابن الجوزي، قيل: إنهم قتلوا سبعين ألفًا! الأمر عنده، وعند سكان بغداد، وفي مركز الخلافة الإسلامية لا يعدو أن يكون إشاعة!!
إن دار الخلافة آخر من يعلم، وأنى لها العلم ورجال الدولة في شغل بصيد المتع ونشدان الملذات والتقاتل على السلطة..
كان الحكم مغنمًا يستحق المخاطرة! أَبلغَ أُولئك النتنى من الخلفاء، أن عمر بن الخطاب آثر صرف الخلافة عن ابنه ضنًا عليه بمتاعبها ومغرمها قائلا: "بحسب آل الخطاب أن يحاسب واحد منهم عن المسلمين."
كانت الخلافة أيام الرجل الكبير عبئًا ومغرمًا..
ثم جاءت أيام الملك العضوض فأصبحت بقرة حلوبًا..فلما هجم الصليبيون على فلسطين كان التقطع في كيان الأمة الكبيرة قد بلغ مداه، ولولا أن مذبحة بيت المقدس طمت وعمت واستحال حصر أبنائها لبقي النائمون نيامًا.
ولم تلبث دولة الخلافة غير قليل حتى دفعت ثمن بلادتها فاجتاحها التتار، وجعلوها خبرًا كان، ولم تغن عنها الألقاب الخادعة من مسترشد بالله! ومقتف لأمر الله، ومستنجد بالله! وناصر لدين الله..إلخ!
إن الظن لا يغني من الحق شيئًا، فكيف بالكذب الصراح؟
والمسلمون إذا لم يصدقوا الله فلا يلومون إلا أنفسهم!!
إن لدينا كتابًا يخرج الناس من الظلمات إلى النور، فإذا أبينا المشي في هداه وإذا غطينا بأهوائنا وهجه فهل يتركنا القدر لنعبث كما نشاء؟
ولأترك الكلام الآن عن حاضرنا الموجع، ولأقلب صفحات الماضي البعيد لأقرأ من سطوره ما يثير العبرة ويوقظ الفكرة.
وقد يكون الحاضر صورة من الماضي فندرك أن القضية واحدة والحكم هو هو!!
تأملات فى التاريخ
==============
قال التاريخ:
--------------
هجم الصليبيون على العالم الإسلامي بعدما حفرت الفرقة بين دوله خنادق بعيدة القاع، فأمسى بعضها يتربص بالبعض الآخر، ويتمنى له الدمار!
الدولة الفاطمية في الشمال الأفريقي ومصر تغير على الدولة العباسية في العراق والشام والحجاز، والدولة الأموية في الأندلس تتمنى البوار للفريقين، كي يؤول إليها الميراث الدسم..والفرقاء المتشاكسون محصورون في أحقادهم، لا يحسون الزحف الصليبي القادم من الغرب، ولا الزحف التتاري القادم من الشرق..!!
أيرضى الإسلام عن هذه الضغائن الخسيسة، أو ينتظر من أصحابها أن يخدموا عقائده وشرائعه؟!
ما خدعتني الألقاب المهيبة التي شهر بها هؤلاء، ولا دلت على رسوخ في دين أو مكانة في دنيا!!
هرب الخليفة العباسي "القائم بأمر الله" بعدما سقطت بغداد في أيدي الفاطميين، واعتقله أحد البدو، ولكن الملك السلجوقي "طغرلبك" استنقذه ورده إلى عاصمة ملكه، فكافأه الخليفة على حسن صنيعه بأن زوّجه من أخته، ولقبه ملك المشرق والمغرب، وأطلق يده في إدارة الدولة!!
ومات الملك السلجوقي فورثه ابن أخيه "ألب" ومات الخليفة العباسي وورثه عباسي آخر لقب نفسه "بالمقتدى" وكان شابًا في التاسعة عشرة من عمره..
ولم يكن الشاب الشريف النسب! قديرًا على الإدارة، فتولاها عنه سلجوقي آخر يدعى "ملكشاه"، وهو ابن إلب أرسلان الذي توفي بعد حياة عامرة بالجهاد..
قال التاريخ
------------
واستبد "ملكشاه" بالسلطة، وازدرى الخليفة ، وبلغ من احتقاره له أن أمره بترك بغداد، وتضرع الخليفة إليه أن يمهله شهرًا، فأبى بعد إلحاح إلا أن يمهله عشرة أيام وحسب.!!
وشاء الله أن يموت "ملكشاه" قبل انقضاء الأجل المضروب، وتكتمت زوجته نبأ موته، وذهبت إلى الخليفة المهدد طالبة أن يولّي ابنه مكانه، وكان الولد لا يبلغ من العمر خمس سنين، ولكن الخليفة المقتدى ولاه، ومنحه لقب ناصر الدين والدنيا.!!
أرأيت هذا الهزل كله؟ إنها مساخر يحار المرء كيف تقع باسم الإسلام في عاصمة الإسلام.!
ومتى يحدث هذا السخف في دفة الحكم؟ يحدث وملوك أوروبا وبابا الفاتيكان ورجال الكنيسة يصرخون بضرورة الثأر من المسلمين والإجهاز على دين محمد.!
لكن هذه الصيحات لا يبلغ صداها رجال السياسة العليا في بلادنا! إنهم ينادون من مكان بعيد! إنهم غرقى في شهواتهم الشخصية، ومطامعهم العرقية.
لقد فهموا من الإسلام شيئًا واحدا، أن الوحي الأعلى نزل ليخص أفراد أسرتهم بمكانة ممتازة.
فبعد ستة قرون أو أقل أو أكثر من شيوع الإسلام، يرى شاب مسكين من ولد العباس أنه جدير بقيادة العالم الإسلامي.!
أو يرى نظير له من بني أُمية أن المسلمين على شاطئ الأطلسي يجب أن يدينوا له بالطاعة!
. ألم...يكن أجداده الأمجاد عمدا في بطحاء مكة قديمًا؟
ولو انتقل الإسلام إلى غرب الأطلسي واعتنقه سكان الأمريكتين فينبغي أن يدخلوا في سلطانه، أليس من قريش؟
إن أي مملوك عديم الكفاية يغنيه هذا الانتساب ليطلب أمرًا لا يعرف له رأسًا منذنب!!.
.والغريب أن صاحب الرسالة قال لابنته فاطمة: "يا فاطمة بن محمد (ص) أعملي لا أُغني عنك من الله شيئًا"، ثم جاء بعد ذلك من ينتسب إلى فاطمة بالحق أو بالباطل ليتذرع بهذا النسب إلى قيادة المسلمين.!!
الحق أن الأجهزة العليا للدولة الإسلامية لحقها عطب مبكر من جراء هذه المزاعم الصبيانية، وأن غلبة التافهين على مناصب الخلافة أصاب الأمة الإسلامية كلها بجرح غائر، مازال ينزل حتى أفقدها الحياة، ومكن منها الأعداء.
ثم كان سببًا في أن ناسًا من أهل الطموح والقدرة رأوا العجز الفاضح لأبناء هذه الأُسر، فنحوهم عن السلطة واحتازوها لأنفسهم.
ولما كان التطلع والادعاء شائعين بين الناس، فقد تهارش على الحكم طامعون كثيرون، وأصبح الاستيلاء على مقاليد الحكم مطلبًا ميسورا لكل من يملك سيف المعز وذهبه..
وبديه أن يستخفى في هذا الجو ذوو المروءة والشرف والعفاف والتقى!،
فماذا يصنعون؟ وبأي سلاح يقاتلون؟
لنطو هذا التعليق السريع، ولنعد أدراجنا إلى بلاد الإسلام قبيل الحملة الصليبية الأولى، عندما كان أولاد العباس، وأولاد فاطمة، وأولاد أُمية يتنافسون على مقاليد الحكم في العالم الإسلامي..
في مقدمة جيدة كتبها الشيخ علي محمد يوسف المدرس بكلية الشريعة بجامعة قطر، عن ابن الجوزي جاءت هذه العبارات في وصف المسلمين قبيل الهجوم الصليبي: "بينما هم في غمرة انقسامهم على أنفسهم إذ برز عدو يرفع شعار الصليب يريد القضاء عليهم واقتلاع الإسلام من جذوره!
وقد قامت أولى الحملات الصليبية سنة 492هـ. وقال عنها ابن الجوزي: وردت الأخبار بأن الإفرنج ملكوا أنطاكية، ثم جاءوا معرة النعمان فحاصروها، وقتلوا ونهبوا، وقيل: إنهم قتلوا ببيت المقدس سبعين ألف نفس، وكانوا قد خرجوا في ألف ألف..."
ونقف عند عبارة ابن الجوزي، قيل: إنهم قتلوا سبعين ألفًا! الأمر عنده، وعند سكان بغداد، وفي مركز الخلافة الإسلامية لا يعدو أن يكون إشاعة!!
إن دار الخلافة آخر من يعلم، وأنى لها العلم ورجال الدولة في شغل بصيد المتع ونشدان الملذات والتقاتل على السلطة..
كان الحكم مغنمًا يستحق المخاطرة! أَبلغَ أُولئك النتنى من الخلفاء، أن عمر بن الخطاب آثر صرف الخلافة عن ابنه ضنًا عليه بمتاعبها ومغرمها قائلا: "بحسب آل الخطاب أن يحاسب واحد منهم عن المسلمين."
كانت الخلافة أيام الرجل الكبير عبئًا ومغرمًا..
ثم جاءت أيام الملك العضوض فأصبحت بقرة حلوبًا..فلما هجم الصليبيون على فلسطين كان التقطع في كيان الأمة الكبيرة قد بلغ مداه، ولولا أن مذبحة بيت المقدس طمت وعمت واستحال حصر أبنائها لبقي النائمون نيامًا.
ولم تلبث دولة الخلافة غير قليل حتى دفعت ثمن بلادتها فاجتاحها التتار، وجعلوها خبرًا كان، ولم تغن عنها الألقاب الخادعة من مسترشد بالله! ومقتف لأمر الله، ومستنجد بالله! وناصر لدين الله..إلخ!
إن الظن لا يغني من الحق شيئًا، فكيف بالكذب الصراح؟
والمسلمون إذا لم يصدقوا الله فلا يلومون إلا أنفسهم!!
هموم داعية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق